فصل: ذكر غسله وتكفينه صلى الله عليه وسلم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ومنها أن وجعه اشتد به يوم الخميس فأراد أن يكتب كتابًا

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدَّثنا عبد اللّه بن أحمد قال‏:‏ حدَثني أبي حدَّثنا أبو معاوية حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت‏:‏ لما ثقل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر‏:‏ ‏"‏ إئتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه ‏"‏ فذهب عبد الرحمن ليقوم قال‏:‏ أبى اللّه والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر‏.‏

رواه الإمام أحمد في المسند وأخرجاه في الصحيحين‏.‏

 ومنها أنه أخرج شيئًا من المال كان عنده

أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا ابن معروف حدَثنا الحارث بن أبي أسامة حدَّثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا سعيد بن منصور قال‏:‏ حدَّثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال‏:‏ كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة دنانير وضعها عند عائشة فلما كان في مرضه قال‏:‏ ‏"‏ يا عائشة ابعثي بالذهب إلى عليّ ثم أغمي عليه وشغل عائشة ما به فبعثت به إلى عليّ فتصدق به ثم أمسى رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين في جديد الموت فأرسلت عائشة إلى امرأة من النساء بمصباحها فقالت‏:‏ اقطري لنا في مصباحنا من عكتك السمن فإن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمسى في جديد الموت‏.‏

قال ابن سعد‏:‏ وحدَثنا عبد اللّه بن مسلمة بن قعنب حدَّثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد اللهّ بن حنطب‏:‏ أِن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وهي مسندته إلى صدرها‏:‏ ‏"‏ يا عائشة ما فَعَلتْ تلك الذهب ‏"‏ قالتَ‏:‏ هي عندي قال‏:‏ ‏"‏ فأنفقيها ‏"‏ ثم غشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على صدرها فلما أفاق قال‏:‏ ‏"‏ أنفقتيه يا عائشة ‏"‏‏.‏

قالت‏:‏ لا‏.‏

قالت‏:‏ فدعى بها فوضعها في كفه فعدها فإذا هي ستة فقال‏:‏ ‏"‏ ما ظن محمد بربه إن لو لقي اللهّ وهذه عنده ‏"‏ فأنفقها كلها ومات من ذلك اليوم صلى الله عليه وسلم‏.‏

أخبرنا علي بن عبد اللهّ قال‏:‏ أخبرنا ابن النقور أخبرنا ابن المخلص حدَّثنا أحمد بن عبد السجستاني حدَّثنا السري بن يحيى حدَثنا شعيب بن إبراهيم التيمي حدثنا سيف بن عمر عن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده قال‏:‏ اعتق النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه أربعين نفسًا‏.‏

 ومن الحوادث في مرضه

أنه صلى الله عليه وسلم جمع أصحابه فأوصاهم أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف حدَّثنا الحارث بن أبي أسامة حدَثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرني محمد بن عمر قال‏:‏ حدَّثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن ابن مسعود قال‏:‏ نعى لنا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر بأبي هو وأمي ونفسي له الفداء فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة وتشدد لنا فقال‏:‏ ‏"‏ مرحبًا بكم حياكم اللّه بالسلام رحمكم اللّه حفظكم الله جبركم اللّه رزقكم اللّه رفعكم اللّه نفعكم اللّه أحلكم اللّه وقاكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي اللّه بكم وأستخلفه عليكم وأحذركم اللّه إنيِ لكم منه نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه قال لي‏:‏ ولكم ‏{‏تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوأ في الأرض ولا فسادًا والعاقبة للمتقين‏}‏ القصص 83 وقال‏:‏ ‏{‏أليس في جهنم مثوى للمتكبرين‏}‏ الزمر 60 قلنا‏:‏ يا رسول اللّه متى أجلك قال‏:‏ ‏"‏ دنا الفراق والمنقلب إلى الله وإلى جنة المأوى وإلى سدرة المنتهى وإلى الرفيق الأعلى والكأس الأوفى والحظ والعيش الهني ‏"‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله مَنْ يَغْسلك فقال‏:‏ ‏"‏ رجال من أهلي الأدنى فالأدنى ‏"‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله ففيم نكفنك قال‏:‏ في ثيابي هذه إن شئتم أو ثياب مصْرَ أو في حلة يمانية ‏"‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله من يصلي عليك وبكينا وبكى فقال‏:‏ ‏"‏ مهلًا رحمكم الله وجزاكم عن نبيكم خيرأ إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا على شفير قبري في بيتي هذا ثم أخرجوا عني ساعة فإن أول من يصلي عليَ حبيبي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت معه جنود من الملائكة بأجمعهم ثم ادخلوا فوجأ فوجًا‏.‏

فصلوا عليَ وسلموا تسليمًا ولا تؤذوني بتزكية ولا برَنَّة وليبتدىء بالصلاة علي رجال أهلي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد واقْرَؤا السلام على من غاب من أصحابي واقرؤأ السلام على من تبعني كل ديني من يومي هذا إلى يوم القيامة لما قلنا‏:‏ يا رسول اللهّ فمن يدخلك في قبرك قال أهلي مع ملائكة كثير يرونكم ولا ترونهم‏.‏

 ومن الحوادث أنه صلى الله عليه وسلم خير عند موته

أخبرنا هبة اللّه بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة أ حدَّثنا محمد بن سعد أخبرنا وكيع وروح بن عبادة عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة قالت‏:‏ كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بين الدنيا والآخرة قالت‏:‏ فأصاب رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم بحة شديدة في مرضه فسمعته يقول‏:‏ ‏{‏مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا‏}‏ النساء 69‏.‏

فظننت أنه خير‏.‏

 من الحوادث في مرضه صلى الله عليه وسلم ما جرى له مع ابنته فاطمة رضي اللّه عنها

أخبرنا هبة اللّه بن الحصين قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن علي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن جعفر قال‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ حدثنا أبو نعيم قال‏:‏ حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ مرحبًا بابنتي ‏"‏ ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أنه أسر إليها حديثًا فبكت فقلت لها‏:‏ استخصك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حديثه ثم تبكين‏.‏

ثم انه أسر إليها حديثًا فضحكت فقلت‏:‏ ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن فسألتها عما قال فقالت‏:‏ ما كنت لأفشي سر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى إذا قبض النبي صلى الله عليه وسلم سألتها فقالت‏:‏ إنه أسر إلي فقال‏:‏ ‏"‏ إن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقًا بي ونعم السلف أنا لك فبكيت لذلك ثم قال‏:‏ ‏"‏ ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة أو نساء المؤمنين قالت‏:‏ فضحكت لذلك‏.‏

أخرجاه في الصحيحين‏.‏

 ومن الحوادث في مرضه صلى الله عليه وسلم تردد جبريل عليه السلام إليه

ثلاثة أيام قبل أن يموت برسالة من الله عز وجل يقول له‏:‏ كيف تجدك وكان ذلك في يوم السبت والأحد والإثنين واستئذان ملك الموت عليه في يوم الإثنين‏.‏

أخبرنا محمد بن عمر الأرموي حدَثنا أبو الحسين بن المهتدي أخبرنا أبو أحمد الفرضي أخبرنا علي بن محمد الرياحي حدًثنا أبي حدَّثنا أبو أحمد بن الجون حدَّثنا رشدين حدَّثنا يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة‏:‏ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه فقال‏:‏ إن اللّه عز وجل يقرئك السلام ويقول كيف تجدك‏.‏

قال‏:‏ لا أجدني وجعًا يا أمين اللّه ‏"‏‏.‏

ثم جاء من الغد ه فقال‏:‏ يا محمد إن اللهّ يقرئك السلام ويقول‏:‏ كيف تجدك قال‏:‏ ‏"‏ أجدني يا أمين الله وجعا ‏"‏ ثم جاءه اليوم الثالث ومعه ملك الموت فقال‏:‏ يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك‏:‏ كيف تجدك‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ أجدني يا أمين اللّه وجعًا من هذا معك ‏"‏ لما قال‏:‏ هذا ملك الموت وهذا آخر عهدي بالدنيا بعدك وآخر عهدك بها ولن آسى على هالك من ولد آدم بعدك ولن أهبط إلى الأرض إلى أحد بعدك أبدًا فوجد النبي صلى الله عليه وسلم سكرة الموت وعنده قدح فيه ماء فكلما وجد سكرة الموت أخذ من ذلك الماء فمسح به وجهه ويقول‏:‏ ‏"‏ اللهم أعني على سكرة الموت ‏"‏‏.‏

أخبرنا ابن عبد الباقي بإسناده عن محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا أنس بن عياض أبو ضمرة الليثي قال‏:‏ حدثونا عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‏:‏ لما بقي من أجل رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم ثلاث نزل جبريل مغموماَ فقال‏:‏ يا أحمد إن الله أرسلني إليك إكرامًا لك وتفضيلًا لك وخاصة بك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك‏:‏ كيف تجدك‏.‏

قال‏:‏ أجدني يا جبريل مغمومًا وأجدني يا جبريل مكروبًا ‏"‏‏.‏

فلما كان في اليوم الثاني هبط إليه جبريل فقال‏:‏ يا أحمد إن اللّه أرسلني إليك إكرامًا لك وتفضيلًا لك وخاصة بك يسألك عما هو أعلمِ به منك يقول‏:‏ كيف تجدك قال‏:‏ ‏"‏ أجدني يا جبريل مغمومًا وأجدني يا جبريل مكروباَ ‏"‏‏.‏

فلما كان اليوم الثالث نزل عليه جبريل وهبط معه ملك الموت ونزل معه ملك يقال له إسماعيل يسكن الهواء لم يصعد إلى السماء قط ولم يهبط إلى الأرض منذ يوم كانت الأرض على سبعين ألف ملك ليس منهم ملك إلا على سبعين ألف ملك فسبقهم جبريل فقال‏:‏ يا أحمد إن اللّه أرسلني إليك إكرامًا لك وتفضيلًا لك وخاصة بك يسألك عما هو أعلم به منك ويقول لك‏:‏ كيف تجدك‏.‏

قال‏:‏ أجدني يا جبريل مغمومًا وأجدني يا جبريل مكروبأ ثم إستأذن ملك الموت فقال جبريل‏:‏ يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي كان قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك قال‏:‏ ‏"‏ ائذن له ‏"‏ فدخل ملك الموت فوقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله يا أحمد إن اللّه أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك في كل ما تأمرني إن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها وإن أمرتني أن أتركها تركتها قال‏:‏ ‏"‏ وتفعل يا ملك الموت ‏"‏ قال‏:‏ أمرت بذلك أن أطيعك في كل ما تأمرني به فقال جبريل‏:‏ ‏"‏ يا أحمد إن الله قد اشتاق إليك قال‏:‏ ‏"‏ فامض يا ملك الموت لما أمرت به ‏"‏ قال جبريل‏:‏ ‏"‏ السلام عليك يا رسول اللّه هذا آخر مواطئي الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا‏.‏

فتوفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية يسمعون الصوت والحس ولا يرون الشخص‏:‏ السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ‏{‏كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة‏}‏ آل عمران 185 في الله عزاءً عن كل مصيبة وخلفًا من كل هالك ودركًا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا إنما المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته‏.‏

أخبرنا عبد الأول أخبرنا ابن المظفر أخبرنا ابن أعين‏.‏

حدَثنا الفربري حدَثنا البخاري قال‏:‏ حدَثني محمد بن عبيد قال‏:‏ حدَثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد قال‏:‏ أخبرني ابن أبي مليكة أن أبا عمرو ذكر أن مولى عائشة أخبره أن عائشة كانت تقول‏:‏ إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وان الله جمع بين ريقي وريقه عند موته ودخل عليّ عبد الرحمن وبيده سواك وأنا مسندة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرأيته ينظر إليه فعرفت أنه يحب السواك فقلت‏:‏ آخذه لك وأشار برأسه أن نعم فناولته فاشتد عليه فقلت‏:‏ ألينه لك فأشار برأسه أن نعم فلينته وأخذه فأمره وبين يديه ركوة - أو علبة يشك عمرو - فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول‏:‏ ‏"‏ لا إله إلا اللّه إن للموت سكرات ‏"‏ ثم يصب يده فجعل يقول‏:‏ ‏"‏ في الرفيق الأعلى ‏"‏ حتى قبض ومالت يده‏.‏

ومن ذلك أنه عاتب نفسه على كراهة الموت‏.‏

أخبرنا ابن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا ابن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدَّثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني الحكم بن القاسم عن أبي الحويرث‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشتك شكوى إلا سأل الله العافية حتى كان في مرضه الذي توفي فيه فإنه لم يكن يدعو بالشفاء وجعل يقول‏:‏ ‏"‏ يا نفس مالك تَلوذين كل ملاذ ‏"‏‏.‏

 ومن الحوادث عند موته صلى الله عليه وسلم وصيته بالصلاة

أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد حدِّثنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين أخبرنا أبو الحسين بن أخي سمي حدًثنا البغوي حدَّثنا أبو روح البلدي حدَّثنا أبو شهاب الخيّاط عن سليمان التيمي عن قتادة عن أنس قال‏:‏ كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت‏:‏ ‏"‏ الصلاة وما ملكت أيمانكم ‏"‏ حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها في صدره وما يفيض بها لسانه‏.‏

 ومن الحوادث في مرضه صلى الله عليه وسلم أنه كشف الستر

يوم الاثنين وقت صلاة الفجر فنظر إلى الناس وهم يصلون أخبرنا عبد الأول بإسناده عن البخاري قال‏:‏ أخبرنا أبو اليمان قال‏:‏ أخبرنا شعيب عن الزهري قال‏:‏ أخبرني أنس بن مالك‏:‏ أن أبا بكر رضي الله عنه كان يصلي بهم في وجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كان وجهه ورقة مصحف ثم تبسم فضحك فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم فنكص أبو بكر على عقبية ليصل الصف وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خارج إلى الصلاة فأشار إلينا النبي صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم فأرخى الستر فتوفي من يومه‏.‏

 ذكر وقت موته صلى الله عليه وسلم

توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين نصف النهار وربما قيل عند اشتداد الضحى لاثنتي عشرة خلتَ من ربيع الأول سنة احدى عشرة‏.‏

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدَثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي حدَّثنا موسى بن داود حدَثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعاني عن ابن عباس قال‏:‏ ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين واستنبيء يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين وخرج مهاجرأ من مكة إلى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثَنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين ‏"‏‏.‏

وقال غيره‏:‏ بعث يوم الاثنين وخرج من مكة يوم الاثنين‏.‏

صلى الله عليه وسلم أخبرنا هبة اللهّ بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا أبو بكر بن مالك حدثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي حدَّثنا إسماعيل حدَثنا أيوب عن حميد بن هلال عن أبى يرده قال‏:‏ أخرجت إلينا عائشة كساء ملبدا وإزارًا غليظًا فقالتَ‏:‏ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين‏.‏

أخرجاه الصحيحين‏.‏

 ومن الحوادث اختلاف أصحابه صلى الله عليه وسلم هل مات أو لا

فأعلمهم بموته أبو بكر والعباس رضي اللّه عنهما أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدَّثنا محمد بن سعد أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال‏:‏ أخبرني أنس قال‏:‏ لما توفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بكى الناس بكاءً شديدًا فقام عمر بن الخطاب في المسجد خطيبًا فقال‏:‏ لا أسمعن أحدًا يقول إن محمدًا قد مات ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى بن عمران‏.‏

فلبث عن قومه أربعين ليلة واللّه إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون وقال عكرمة‏:‏ ما زال عمر رضي اللهّ عنه يتكلم ويوعد المنافقين حتى أزبد شدقاه فقال له العباس‏:‏ إن رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم يأسن كما يأسن البشر وإنه قد مات فادفنوا صاحبكم أيميت أحدكم إماتة ويميته إماتتين هو أكرم على الله من ذلك فإن كان كما يقولون فليس على اللّه بعزيز أن يبحث عنه التراب فيخرجه إن شاء الله‏.‏

أخبرنا أبو الوقت قال‏:‏ أخبرنا ابن المظفر أخبرنا ابن أعين قال‏:‏ أخبرنا الفربري قال‏:‏ حدَّثنا البخاري قال‏:‏ حدَثنا يحيى بن بكير قال‏:‏ حدَثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال‏:‏ أخبرني أبو سلمة أن عائشة أخبرته‏:‏ أن أبا بكر رضي اللّه عنه أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس أحداَ حتى في دخل على عائشة فتيمم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو مغشى بثوبٍ حِبْرَة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكى‏.‏

ثمِ قال‏:‏ بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فَقَدْ مِتَهَا‏.‏

وحدثني أبو سلمة عن عبد اللّه بن عباس‏:‏ أن أبا بكر رضي اللّه عنه خرج وعمر يكلم الناس فقال‏:‏ اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه وتركوا عمر رضي الله عنه فقال أبو بكر‏:‏ ‏"‏ أما بعد من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت قال الله‏:‏ ‏{‏وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزي اللّه الشاكرين‏}‏ آل عمران 44 قال‏:‏ واللّه لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر‏.‏فتلقاها منه الناس كلهم فما أسمع بشرًا إلا يتلوها‏.‏

وأخبر سعيد بن المسيب‏:‏ أن عمر بن الخطاب قال‏:‏ واللّه ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض و عرفت حين سمعته تلاها أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قد مات‏.‏

 ذكر سنّه يوم مات صلى الله عليه وسلم

أخبرنا الكروخي أخبرنا أبو عامر الأزدي وأبو بكر التبوذجي قال‏:‏ أخبرنا الجراحي حدًثنا المحبوبي حدَّثنا الترمذي حدَّثنا محمد بن إسماعيل حدَّثنا محمد بن بشار حدَّثنا ابن أبىِ عدي عن هشام بن حسان عن عكرمهَ عن ابن عباس قال‏:‏ توفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين‏.‏

أخرجاه في الصحيحين‏.‏

وقد روي خمس وستين وروي ستين والأول أصح‏.‏

 ذكر غسله وتكفينه صلى الله عليه وسلم

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدَّثنا عبد اللّه بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي عن ابن إسحاق قال‏:‏ حدَّثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ لما اجتمع القوم لغسل رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله‏:‏ عمه بن أبي عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زبد بن حارثة وصالح مولاه فلما اجتَمعوا لغسله ناس من وراء الباب أوس بن خولي الأنصاريِ ثم أحد بني عوف بن الخزرج وكان بدريأ - عليِ بن أبي طالب فقال له‏:‏ يا علي نشدتك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال‏:‏ فقال له علي‏:‏ ادخل فدخل فحضر غسل رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئًا قال‏:‏ فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي وكان أسامة وصالح يصبان الماء وجعل علي يغسله ولم يَرَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئأ مما يرى من الميت وهو يقول‏:‏ بأبي وأمي ما أطيبك حياَ وميتَاَ‏.‏

حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يغسل بالماء والسدر جففوه ثم صنع به يصنع بالميت ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيِضين وبرد حبرة ثم دعا العباس رجلين فقال‏:‏ ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان أبو عبيدة يَصْرَخُ لأهل مكة قال‏:‏ ثم قال العباس لهما حين سَرحَهما‏:‏ اللهم خِرْ لرسولك قال‏:‏ فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن أحمد اخبرنا أبو منصور محمد بن محمد العكبري أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا عمر بن الحسن الشيباني حدَّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدَثنا إسحاق بن إسماعيل حدَّثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‏:‏ غسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علي والفضل والعباس وأسامة بن زيد وغسل ثلاث غسلات بماء وسدر من بئر لسعد بن خيثمة كان يشرب منها‏.‏

قال أبو بكر‏:‏ وحدثنا أبو خيثمة قال‏:‏ حدَّثنا عبد اللّه بن إدريس قال‏:‏ حدَثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ كفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة‏.‏

أخبرنا ابن الحصين قال‏:‏ أخبرنا ابن المذهب قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مالك قال‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ حدَّثنا يعقوب قال‏:‏ حدَّثنا أبي عن أبي إسحاق قال‏:‏ لما أرادوا غسل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه فقالوا‏:‏ والله ما ندري ما نصنع أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه قالت‏:‏ فلما اختلفوا أرسل اللّه عليهم السنة حتى واللّه ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائمًا‏.‏

قالت‏:‏ ثم كلمهم من ناحية البيت لا يدرون من هو فقال‏:‏ اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه‏.‏

قالت‏:‏ فثاروا إليه فغسلوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو في قميصه يفاض عليه الماء والسدر وتدلكه الرجال بالقميص‏.‏

وكانت تقول‏:‏ لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه‏.‏

قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يحيى بن يمان عن حسن بن صالح عن جعفر بن محمد قال‏:‏ كان الماء يستبقع في جفون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان علي يحسوه‏.‏

 ذكر الصلاة عليه عليه السلام

أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا أبو منصور العكبري أخبرنا ابن بشران أخبرنا عمر بن الحسن حدثنا أبو بكر القرشي حدَّثنا إسحاق بن إسماعيل حدَّثنا سفيان بن عيينه لملأ عن جعفر بن محمد عن أبيه قال‏:‏ صلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إمام يدخل عليه المسلمون زمرًا فيصلون عليه ويخرجون فلما صلي عليه نادى عمر رضي الله عنه‏:‏ خلوا الجنازة وأهلها‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف‏:‏ أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا محمد بن سعد‏!‏ أخبرنا محمد بن عمر قال‏:‏ حدَّثني أبَيُ بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده قال‏:‏ لما توفي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وضع في أكفانه ثم وضع على سريره فكان الناس يصلون رفقًا رفقأ ولا يؤمهم عليه أحد دخل الرجال فصلوا عليه ثم النساء‏.‏

 ذكر قبره صلى الله عليه وسلم

أخبرنا هبة الله بن محمد قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن علي قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدَّثني أبي قال‏:‏ حدَثنا عبد الرزاق قال‏:‏ أخبرنا ابن جريج قال‏:‏ أخبرني أبي‏.‏

أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أبو بكر رضي الله عنه‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ لم يقبر نبي إلا حيث يموت ‏"‏ فأخروا فراشه وحفروا له تحت فراشه‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن أحمد حدَثنا أبو منصور محمد بن محمد العكبري أخبرنا أبو الحسين بن شران أخبرنا عمر بن الحسن الشيباني حدَثنا أبو بكر القرشي قال‏:‏ حدَّثني محمد بن سهل التميمي حدَثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قالوا‏:‏ أين ندفنه فقال أبو بكر‏:‏ في الموضع الذي مات فيه‏.‏

قال أبو بكر‏:‏ وحدَّثنا شجاع بن مخلد حدَّثنا هشيم عن منصور عن الحسن قال‏:‏ جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء كان أصابها يوم خيبر قال‏:‏ جعلوها لأن المدينة أرض سبخة‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدَّثنا محمد بن سعد حدَّثنا محمد بن عمر قال‏:‏ حدَّثنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه‏:‏ أن نزل في حفرة النبي صلى الله عليه وسلم هو وعباس وعقيل بن أبي طالب وأسامة بن زيد وأوس بن خولي وهم الذين ولوا كفنه‏.‏

قال محمد بن عمر‏:‏ وحدَّثني عمر بن صالح عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال‏:‏ نزل في حفرة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والفضل وشقران‏.‏

وقال محمد بن عمر‏:‏ وحدَّثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد اللهّ بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة عن عائشة قالت‏:‏ ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر‏.‏

قال محمد بن عمر‏:‏ وحدثني عبد اللهّ بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي عتيق عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء‏.‏

 ندب فاطمة رضي اللّه عنها

أخبرنا عبد الأول أخبرنا ابن المظفر أخبرنا ابن أعين حدَّثنا الفربري حدَثنا البخاري حدَثنا سليمان بن حرب حدَّثنا حماد عن ثابت عن أنس قال‏:‏ لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة عليها السلام‏:‏ واكرب أبتاه فقال لها‏:‏ ‏"‏ ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت‏:‏ يا أبتاه أجاب ربًا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام‏:‏ يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وسلم التراب‏.‏

أخرجاه في الصحيحين‏.‏

 ندب أبي بكر رضي اللّه عنه

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا أبن حيوية أخبرنا ابن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدَثنا محمد بن سعد قال‏:‏ أخبرنا يزيد بن هارون قال‏:‏ حدَّثنا حماد بن أبي سلمة عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بَابَنُوس عن عائشة قالت‏:‏ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر فدخل عليه ورفع الحجاب فكشف الثوب عن وجهه فاسترجع فقال‏:‏ مات واللّه رسول الله ثم تحول من قِبَل رأسه فقال‏:‏ وانبياه ‏"‏ ثم حدر فمه فقبل وجهه ثم رفع رأسه فقال‏:‏ واخليلاه ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم رفع رأسه فقال‏:‏ واصفياه ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم سجاه بالثوب ثم خرج‏.‏

 ندب حسان بن ثابت

روى السكري عن ابن حبيب ان حسان قال يرثي رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم بهذه الأبيات‏:‏

ما بال عيني لا تنـــام كأنها ** كحلـــت مآقيها بكحل الأرمد

جزعًا على المهدي أصبح ثاويًا ** يا خير ما وطىء الحصى لا تبعد

جنبي يقيك الترب لهفـي ليتني ** غيبت قبلك في بقيع الغرقـــد

أأقيم بعدك بالمدينة بينـــهم ** يا لهف نفسي ليتني لم أولـــد

بأبي وأمي من شهدت وفاــته ** في يوم الاثنين النبي المهتـدي

فظللت بعد وفاتــــه متلددًا ** يا ليتني أسقيت سم الأســـود

نورًا أضاء على البرية كلــها ** من يهد للنور المبارك يهتـــد

والله أسمع ما حييت بهالـــك ** إلا بكيت على النبي محمــد

صلى الإله ومن يحف بعرشه ** والطيبون على النبي محمد

وقال أيضًا‏:‏

أمسى نساؤك عطلن البيوت فما ** يضربن فوق قفا ستر بأوتاد

مثل الرواهب يلبسن المسرح ** وقد أيقن بالبوس بعد النعمة البادي

 ذكر ما جرى من الخلاف في المبايعة يوم موته صلى الله عليه وسلم

أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الحاجي وأبو القاسم بن أحمد السمرقندي قالا‏:‏ أخبرنا أبو الحسن بن النقور حدَثنا أبو طاهر المخلص أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد اللّه بن سيف السجستاني حدَثنا السري بن يحيى قال‏:‏ حدَّثنا شعيب بن إبراهيم التيمي قال‏:‏ حدَّثنا سيف بن عامر عن سهل بن يوسف عن عمرو بن يحيى بن خليفة المازني عن الضحاك بن خليفة قال‏:‏ لما توفى اللّه عز وجل رسولَهُ صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر الظهر بلغ المهاجرين أن لأنصار قد أقعدوا سعد بن عبادة وبايعوه بالخلافة فدخل المهاجرين من ذلك وحشة وأطاف كل بني أب برجل منهم وأبو بكر رضي الله عنه جالس لا يشعر حتى خرج العباس رضي اللّه عنه على الناس فقال‏:‏ إنه بلغني أن سعد بن عبادة بنيت له وسادة ودعى إلى نفسه وأجابه من أجابه نقضًا لعهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم انهض يا أبا بكر إلى هؤلاء القوم وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حين دعا القبائل ووعدهم الظهور قالوا‏:‏ لمن الخلافة بعدك فإذا قال لقريش تركوه وكان أول من أجابه إلى ذلك الأنصار‏.‏

حدَّثنا سيف عن المثنى بن عبد الرحمن عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال‏:‏ صلى أبو بكر رضي الله عنه الظهر للناس يوم توفى اللّه نبيه صلى الله عليه وسلم وقد جاء عويم بن ساعدة إلى العباس فأخبره أن الأنصار قد أمرت سعد بن عبادة ولما انصرف الناس من الظهر تخلفوا وأقبل العباس حتى قام عليهم فقال‏:‏ يا أيها الناس ما لي أراكم عزين إن مخبرأ أخبرني وأخبرهم الخبر فانهض إليهم يا أبا بكر فقالوا‏:‏ إنه ليدلنا على صدق الذي أتاك يا أبا الفضل أنه لم يصل معنا منهم أحد‏.‏

قال مؤلف الكتاب‏:‏ وسيأتي

 حديث السقيفة في بيعة أبي بكر رضي اللّه عنه إن شاء الله‏.‏

 ذكر اسمه ونسبه

اسمه عبد الله بن أبي قحافة واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ويكنى أبا بكر‏.‏

وأمه أم الخير سلمى بنت صخر بن عمر‏.‏

قال أبو الحسن بن البراء وُلدَ أبو بكر بمنى‏.‏

وفي تسميته بعتيق ثلاثة أقوال‏:‏ أحدهما‏:‏ ما أخبرنا محمد بن أبي طاهر أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا ابن معروف أخبرنا ابن الفهم حدثنا محمد بن سعد أخبرنا محمد بن عمر حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة عن معاوية بن إسحاق عن أبي عائشة‏:‏ أنها سئلت‏:‏ لم سمي أبو بكر رضي الله عنه عتيقًا فقالت‏:‏ نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏ هذا عتيق الله من النار ‏"‏ قال محمد بن سعيد‏:‏ وحدثنا سعيد بن منصور حدثنا صالح بن موسى الطلحي حدثنا معاوية بن إسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت‏:‏ إنني لفي بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الفناء وبيني وبينهم الستر إذ أقبل أبو بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا ‏"‏ قالت وإن اسمه الذي سماه به أهله عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو لكن غلب عليه عتيق‏.‏

والثالث‏:‏ أنه سمي به لجمال وجهه‏.‏

قاله الليث بن سعد‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ لقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك لجمال وجهه‏.‏

وسماه النبي صلى الله عليه وسلم صديقًا قال‏:‏ ‏"‏ يكون بعدي اثنا عشر خليفة أبو بكر الصديق لا يلبث إلا قليلًا ‏"‏‏.‏

وكان علي بن أبي طالب يحلف باللّه أن اللّه أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا ابن حيوية أخبرنا ابن معروف أخبرنا ابن الفهم حدثنا محمد بن سعد أخبرنا يزيد بن هارون قال‏:‏ أخبرنا أبو معشر حدَثنا أبو وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة‏:‏ أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال ليلة أسرى به لجبريل‏:‏ ‏"‏ إن قومي لا يصدقوني ‏"‏ فقال له جبريل‏:‏ يصدقك أبو بكر وهو الصديق‏.‏

 ذكر صفته رضي اللّه عنه

كان أبو بكر رضي الله عنه نحيفًا أبيض حسن القامة خفيف العارضين معروق الوجه غائر العينين ناتىء الجبهة أجْنَا لا يَسْتَمْسِكُ إزاره يسترخي عن حَقْويه عاري الأشاجع يخضب بالحناء والكتم وكان كريمًا عالمًا بأنساب العرب‏.‏

أخبرنا موهوب بن أحمد أخبرنا علي بن أحمد العنبري أخبرنا أبو طاهر المخلص‏.‏

حدثنا أحمد بن نصر بن بجير حدَثنا علي بن عثمان بن نفيل حدثنا المعافى بن عمران حدَثنا القاسم أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا الجوهري أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحسن بن الفهم أخبرنا محمد بن سعد أخبرنا عمرو بن الهيثم حدَثنا الربيع عن حيان الصائغ قال‏:‏ كان نقش خاتم أبي بكر رضي الله عنه ‏"‏ نعم القادر الله ‏"‏‏.‏

قال ابن سعد‏:‏ ‏"‏ وأخبرنا معن حدِّثنا سليمان بن بلال ‏"‏ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن أبا بكر رضي الله عنه تختم في اليسار‏.‏

 ذكر تقدم إسلامه رضي اللّه عنه

قد روينا عن حسان بن ثابت وابن عباس وأسماء بنت أبي بكر وإبراهيم النخعي ومحمد بن المنكدر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وصالح بن كيسان ويعقوب بن الماجشون وعثمان بن محمد الأخنسي كلهم قالوا‏:‏ أول القوم إسلامًا أبو بكر‏.‏

أخبرنا محمد بن أبي منصور قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا ابن المذهب قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن مالك قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏.‏

حدًثني أبو معمر قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن عن مجالد عن الشعبي قال‏:‏ قال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ أول من صلى أبو بكر رضي الله عنه ثم تمثل بأبيات حسان بن ثابت‏:‏ إذا تذكرت شجوًا من أخي ثقة فاذكرأخاك أبا بكر بما فعلا الثاني التالي المحمود مشهده وأول الناس منهم صدق الرسلا ذكر أزواجه وأولاده رضي اللّه عنه تزوج في الجاهلية امرأتين إحداهما‏:‏ قتيلة بنت عبد العزى فولدت له عبد الله وأسماء ذات النطاقين‏.‏

والثانية‏:‏ أم رومان بنت عامر وولدت له عبد الرحمن وعائشة‏.‏

وتزوج في الإسلام امرأتين إحداهما‏:‏ أسماء بنت عميس فولدت له محمدًا وكانت عند جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قبله فولدت له محمدًا وتزوجها بعد أبي بكر عليٌّ رضي اللّه عنهما فذكر أنها ولدت منه ولدًا اسمه محمد فكان يقال لها أم المحمدين‏.‏

والزوجة الثانية‏:‏ حبيبة بنت خارجة بن زيد فولدت له أم كلثوم بعد وفاته‏:‏ وكان أبو بكر لما هاجر إلى المدينة نزل على أبيها خارجة بن زيد فتزوجها‏.‏